ضيفٌ عزيزٌ
كريمٌ عظيمٌ مباركٌ يحلُّ علينا في هذه الأيام، هذا الضيف لا يزورنا إلا مرةً واحدةً
في كل عام، ولكنه إذا زارنا هلَّت معه الخيرات والرحمات والبركات من رب الأرض
والسماوات، فهل استعددنا لاستقبال هذا الضيف الكريم؟ وماذا أعددنا
له؟ وما الذي سنصنعه معه؟ وهل ستكون لزيارته لنا أثراً في حياتنا؟
جميعنا يعلم بأن
شهر رمضان المبارك يعتبر من الشهور العظيمة عند الله سبحانه وتعالى، وصيامه من
أركان الإسلام الخمسة المذكورة في
قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا
الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان)
[رواه البخاري ومسلم].
المؤمن يستبشر
بقدوم هذا الشهر المبارك، ويُظهر فرحه بمقدمه
{قُلْ
بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا
يَجْمَعُونَ} [يونس: 58]، يفرح بقدوم
هذا الشهر الفضيل لأنه يُعتبر موسماً عظيماً من مواسم الطاعات والخيرات والرحمات
والبركات، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبشر الصحابة الكرام رضوان الله
عليهم بقدوم هذا الشهر المبارك بقوله: (أتاكم رمضان شهرٌ مباركٌ، فرض الله عز
وجل عليكم صيامه، تُفتَّحُ فيه أبواب السماء، وتُغلقُ فيه أبواب الجحيم، وتُغلُّ
فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، من حُرم خيرَها فقد حُرم) [رواه
أحمد والنسائي].
وكان عليه
الصلاة والسلام يذكر للصحابة الكرام رضوان الله عليهم فضائل رمضان، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا كانت أول
ليلة من رمضان صُفِّدت الشياطين ومردة الجن، وغُلِّقت أبواب النار فلم يُفتح منها
بابٌ، وفُتحت أبواب الجنة فلم يُغلق منها بابٌ، ونادى منادٍ يا باغي الخير أقبل،
ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك في كلِّ ليلة) [رواه الترمذي
وابن ماجه].
رمضان هـلَّ بـوافـر الخيـرات ... يُهدي
لـنـا الآمالَ والبـركات
يُحيي القلوب بهدي رب راحم ... ويـُمِدُّنا
بالـنور والنفحات
شهرَ الفضائل جئتنا تجلو العنا ... بالحـب
تـنعـشنـا وبالنسمـات
فـيـك الكتـاب تـنـزَّلت أنوارُه ...
هـديـاً يضيء بمحكم الآيات
يستقبل المؤمن
شهر رمضان المبارك بصدق التوبة والأوبة والإنابة إلى الله جل وعلا؛ وذلك حتى لا تكون هذه الذنوب والمعاصي حاجبةً للتوفيق له
في إدراك الخيرات والرحمات والبركات في هذا الموسم العظيم {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ
رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي
مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}[التحريم:8].
يعقد المؤمن
نيته على أن يرضي ربه غاية الرضا في هذا الشهر الفضيل، وذلك بأن يحقق الحكم التي
من أجلها شرع الله تبارك وتعالى عبادة الصيام، والتي من أعظمها تحقيق تقوى الله جل وعلا، كما قال سبحانه: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى
الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، ويجتهد في الطاعات والأعمال الصالحات بنيةٍ صادقة
يكون بها العون من الله سبحانه وتعالى للعبد {إِن
يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الأنفال: 70].
يسأل المؤمن ربه إذا بلغه شهر رمضان
المبارك بأن يُعينه على الطاعات والأعمال الصالحات، ويدعو كما كان
النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدعو : "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحُسن
عبادتك".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق