الأربعاء، 29 ديسمبر 2010

طلبة مملكة البحرين الخريجين بالمملكة الأردنية الهاشمية : شكراً لكم بقلم : أحمد عادل العازمي

إخواني الطلبة البحرينيين الخريجين من جامعة اليرموك وجامعة العلوم والتكنولوجيا بالعام الدراسي ( 2010 - 2011 م ) : لقد سُعدت بصحبتكم ومجالستكم في الأيام الماضية وإن كنت مُقِلاً من الجلوس معكم إلا أن تلك الأيام والليالي التي جلست فيها معكم كانت من أجمل الأيام والليالي التي قضيتها بالمملكة الأردنية الهاشمية .

فكم أنا في فرحةٍ من أجل تخرجكم ودخولكم في حياةٍ أخرى هي حياة العمل التي تتسم بتقديم ما تعلمتوه في تلكمُ السنوات الماضية من علومٍ تنفعون بها مملكة البحرين التي تنتظركم ، فنحن بأمس الحاجة اليوم إلى أناسٍ من أمثالكم يقودون مملكة البحرين ويسمون بها مع التزامهم بدينهم وشريعة ربهم .

واعلموا أحبتي الكرام بأن ما هذا التخرج إلا بداية الحياة بالنسبة لكم ، وستُقدمون على حياةٍ أخرى قد تعتريها بعض المتاعب والصعاب التي تحتاج منكم إلى صبرٍ وجدٍ واجتهاد .

وهذه الحياة إن كنتم تريدون أن تكونوا متميزين فيها عن غيركم وتَبرزون فيها لا بد لكم من التمسك بدينكم ، والاستزادة من العلم ، فالعلم لا يقتصر على ما أخذتموه في الجامعة ، بل عليكم أن تستزيدوا منه ، بالإضافة إلى تنمية قدراتكم ومهاراتكم في التخاطب والتعامل مع الآخرين ؛ وذلك أن ما تعلمتموه لا يحسن إلا بالدين والأخلاق وحُسن التعامل .

وإن من أهم ما يكون به تنمية قدراتكم هو كثرة القراءة في مجال تخصصكم والاشتراك بالدورات العلمية والتدريبية التي تقيمها المعاهد العلمية والتدريبية كلٌ بحسب مجال تخصصه ، فبهذا تكونون متميزين عن غيركم في مجال تخصصكم .

وكلما كان الإنسان قريباً من الله تعالى بفعل ما أمر الله جل وعلا وترك ما نهى سبحانه عنه زاده الله توفيقاً وسداداً ونجاحاً في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، ويا فوز من ربح الدنيا وما خسر الآخرة .

وفي الختام أرجو أن تكون هذه الكلمات قد آتت مقصِدَها ، وأسأل الله تعالى أن يجمعنا وإياكم على خير ، ويظلنا تحت ظل عرشه يوم القيامة ، ويجعل دار رحمته وكرامته هي دارنا وقرارنا .

الجمعة، 17 ديسمبر 2010

طعنةٌ من الداخل بقلم : أحمد عادل العازمي

ليس الغريب أبداً أن يأتي الطعن بالإسلام من الأعداء ، ومن أهل الكفر والإلحاد ، وإنما الغريب أن يأتي الطعن من الداخل ، من أهل الإسلام ، وممن يحسبون على المسلمين ؛ وذلك أن من يطعن بالإسلام من الخارج من أهل الكفر والإلحاد يعرف المسلمون بأنهم كفارٌ ولا يريدون من المسلمين إلا ترك دينهم ، فهم بذلك يعرفون هذه الحقيقة ويدركونها وبالتالي لا يستجيبون لها البتة .

بينما الذي يطعن بالإسلام من الداخل ، هو واحدٌ منا يعيش بيننا ، ويتكلم بكلامنا ، ويعمل معنا ، ولا يُتصوَّر منه أبداً أن يكون المِعول الذي يستخدمه أهل الكفر لهدم الدين ، فمن هنا تكمن الخطورة ، حيث يظن الواحد منا بأن هذا الشخص لم يتكلم إلا عن غيرةٍ على الدين – كما يزعم وكما يُظهِر هو من حاله – وأنه بما يدعو إليه يريد نُصح المسلمين .

فتراه يدعي حماية حقوق المرأة ، ويدعو إلى حريتها ، وكأنها في بلاد الإسلام قد ظلمت أو أخذ حقها ؟! يدعو باسم حرية المرأة – لكي ينال هو ما يريد منها – إلى خلع الحجاب والتكشف والسفور والاختلاط بحجة أن هذه حريتها ، حتى ظن بعض بناتنا من كثرة ما يسمعن هذا الكلام أنه حق ، لأنه خرج من أفواه من يظنون بأنه من المفترض أنه لا يريد إلا الإصلاح .

وتراه يصيح بأعلى صوته نريد المساواة للمرأة ، نريدها أن تكون مساويةً للرجل في كل شيء ، وحينما تأتي إليه لتناقشه فيما قال ، وتقول له : أتريد من أختي وأختك أن تشتغل في البناء كما يشتغل الرجال وتحمل أكياس الإسمنت على ظهرها ؟ يقول لك : لا ، وعندها تعلم بأن ما يقوله مجرد تقليد للغرب ، وبأنهم قالوا له : قل كذا وكذا ، وإذ به يقول ما يريدون دون أن يدرك معنى ما يقول ، ويُردِّد ما يسمع منهم دون أن يعقِل معناه !

وتجده يبكي بكاءً شديداً على الشباب في المؤتمرات : لم لا يسمح لهم باتخاذ الخليلات والعشيقات ، وأن تبنى علاقتهم قبل الزواج على الحب قبل أن يقوم الطرفان بالزواج وهما لا يعرفان بعضهما فتكون علاقتهما بعد ذلك جحيم في جحيم ، لأنه لم يعرف قبل ذلك من سيتزوج ، ولم تعرف هي من ستتزوج ! وكأن الأمر أصبح دعاوى بلا بينات ، ولم يدرك هذا المسكين بأنه قد ثبت بالإحصائيات بأن من يتزوجون عن علاقة حبٍ سابقة هم من تكون علاقتهم جحيمٌ في جحيم ، وهم من يعيشون حياةً زوجية مأساوية ، فحياتهم شقاءٌ في شقاء ، فالزوج يشك بزوجته ، وهي تخشى خيانته لها ، ولا يلبث هذا الزواج إلا أن يبوء بالفشل ، وبالتالي يكون مصيره الطلاق المحتوم بعد شهرٍ أو شهرين .

وما إن يخطئ عالمٌ أو يخالفه في رأيٍ مع أن الحق معه إلا ويشنع عليه الأخ الكريم في الصحف والمجلات ووكالات الأنباء حتى لا يأخذ الناس برأيه ، وكي يسقط هذا العالم من أعين الناس ، وبالتالي لا يكون هناك للناس أي مرجعٍ يرجعون إليه ، وإن أُسقط الأكابر من أعين الناس فلا تسل بعد ذلك عن دينهم ، وما يحصل من فسادٍ بمجتمعهم .

أما إن أفتى أحدٌ وإن كان ليس أهلاً للإفتاء بفتوى تأيد ما يذهب إليه وتستقيم مع هواه ، طار بها بالآفاق ونشرها بكل وسائل الإعلام ، وصار صاحبها هو شيخ الإسلام ، وهو مفتي الأنام بعد أن كان مغموراً بين الناس ، وإذ به بعد ذلك تعقد معه اللقاءات ، ويستضاف في الفضائيات ، ويكون هو المجتهد الذي لا نظير له ، والعالم الذي لا نِدَّ له ، ويزيَّن ويلمَّع ويوصف بالألقاب البراقة حتى يصدِّق ويقتنع الناس بأن ما يقوله هذا الشخص هو الدين وهو الصحيح وهو ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وحاشا أن يأتي النبي عليه الصلاة والسلام بما جاء به ذلكم الشخص .

وليتهم توقفوا عند ذلكم الحد ، ولكن تجاوزوه بكثير ، فلقد أصبح كثيرٌ منهم حتى يصدقه الناس يكذب على العلماء والأئمة ويقولهم ما لم يقولوه أبداً ، حتى أن بعضهم من كثرة كذبه على الناس كاد أن يصدق نفسه !

فأنا أسأل حقيقةً ما المراد بهذه الدعوات على وجه التحديد ؟ وليت أحد أصحابها يجيبني عن ذلك ؟ حتى ندرك ما أدركه هو بهذه الدعوات ولم ندركه نحن ولا علماؤنا الأولين ؟! ونحن بانتظار الجواب .

الخميس، 2 ديسمبر 2010

نجوم السماء بقلم : أحمد عادل العازمي

لقد تكفَّل الله عز وجل لهذه الأمة بحفظ هذا الدين حيث قال سبحانه : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } ، وقد هيَّأ جلَّ وعلا لذلك أناساً اختارهم ليكونوا نقلة هذا الدين العظيم إلى الناس أجمعين ، وهؤلاء الناس هم العلماء ، أولئك القوم الذين فرَّغوا أوقاتهم زمن الصبا لتعلم هذا الدين ، تركوا اللعب يوم أن كان من في سنِّهم يلعبون ويمرحون في الطرقات ، سهروا الليالي في وقتٍ الناس فيه نيام.

وليس ذلك بعجيب ولا غريب عمَّن كانت همته عالية في السماء ، تعانقُ السحاب، ولا ترضى بأن تمسَّ التراب .

ومن أجل ذلك كله جعل الله تبارك وتعالى لهم الفضل العظيم والأجر الجزيل ، وذلك أنهم حملة علوم التنزيل ، والمبلغين عن رب العالمين بعد الأنبياء والمرسلين .

وقد أعلى الله جلَّ في علاه شأن هذه الثلة المباركة في الدنيا والآخرة قال تعالى: { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من يرد الله به خيراً يفقه في الدين ) وغير ذلك من النصوص الواردة في فضلهم ، وعلوِّ شأنهم ، وعظيم قدرهم .

وفي هذا يقول الشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله – في كتاب العلم ص 174: ( مكانة أهل العلم أعظم مكانة ؛ لأنهم ورثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، ولهذا يجب عليهم من بيان العلم والدعوة إلى الله ما لا يجب على غيرهم ، وهم في الأرض كالنجوم في السماء يهدون الخلق الضالين التائهين ، ويبينون لهم الحق ويحذرونهم من الشر ، ولذلك كانوا في الأرض كالغيث يصيب الأرض القاحلة فتنبت بإذن الله ).

وإنه مما يُحزن القلب أن نرى في زماننا اليوم الجهل بمكانة العلماء ، وقلة التأدُّبِ معهم ، وعدم معرفةٍ لحقوقهم ، بل أصبح بعضهم- وللأسف – ممن يدعون العلم يطعنون بهم ، وينتقصونهم ، ويبحثون عن مثالبهم وزلاتهم المغفورة في بحر حسناتهم .

ولا شكَّ بأنَّ ذلك ليس من الإسلام في شيء ، وإن دلَّ ذلك على شيء فإنما يدلُّ على جهل هؤلاء القوم بحقوق هؤلاء العلماء الأجلاء ، فنقول لهم كفُّوا أيديكم ، واحفظوا ألسنتكم ذلك أزكى لكم ، وأطهر لقلوبكم .

الجمعة، 26 نوفمبر 2010

صلاتي نوَّرت حياتي بقلم : أحمد عادل العازمي

( الصلاة نور ) ما أعظم هذا البيان من النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه لمكانة الصلاة في الإسلام ، فضلاً عن أنها عمود الإسلام وركنه الأعظم بعد الشهادتين .

فالصلاة صلةٌ بين العبد وربه ومتى ما تركها قطع هذه الصلة بينه وبين خالقه جل وعلا ، ولا تسل عن حال ذلك الإنسان بعدما قطع هذه العلاقة العظيمة بينه وبين خالقه - أعظم علاقة موجودة في هذا الوجود - .

فبالله عليكم إلى من يلتجي من قطع هذه العلاقة ؟ من يسأل ؟ من يدعو ؟ من يرتجي ؟ وإلى من يلتجئ ؟ من يكشف ضره وينفس كربه ويفرج همه ؟ من ييسر أموره ؟ ومن يعينه على أدائها ؟

إذا أراد العبد أن يسأل الله تعالى الرزق ألا يرفع يديه إلى السماء داعياً الله تعالى ؟ إذا نزلت به بلوى ، أو حلت به نازلة ، أو أصابه همٌّ وغمٌ وحزنٌ ألا يشعر براحةٍ ما بعدها راحة حينما يخرُّ ساجداً لله جل وعلا .

ووالله لو علم قاطع الصلاة بتلكم الراحة التي يشعر بها من يسجد لله جل وعلا مستشعراً بأنه يسجد لله ، وأنه بذلك يتقرب إلى الله وأنه خاضعٌ ذليلٌ محتاجٌ إلى ربه في تيسير أموره وقضاء حاجاته لما ترك هذه الصلاة وهذا السجود لله جل وعلا .

ومن العجيب أنك حينما تسأل من كان قاطعاً لهذه الصلة أتحب الله ؟ لما أجابك إلا بكلمة نعم ، فنقول له عندئذ أليس من يُحِب يصل محبوبه ؟ فسيقول : نعم ، وعندها نسأله ما دُمت تُحبُّ الله تعالى فلم لا تصِله بصلاتك له جل وعلا ؟

ويكفي تحفيزاً لنا على الصلاة والحرص عليها أنه أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : فأكثروا الدعاء .

فالصلاة نورٌ تضيءُ للعبد طريقه ، وتيسر له أمره ، وهي سبيل عباد الله المؤمنين ، ودأبُ الصالحين ، بها ينال العبد رضا الله عز وجل ، ومحبته ، ومغفرته ، وعفوه ، وهي أول ما يُحاسب عليه الإنسان يوم القيامة ، فإن كان مُقيماً لها كان ما بعدها من الحساب هيناً سهلاً ، وإلا كان ما بعدها من الحساب أشد وأنكى – نسأل الله السلامة والعافية - .

ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يُذكر أصحابه الكرام بضرورة المحافظة على الصلاة، حتى أنه عليه الصلاة والسلام كان في أشد اللحظات في سكرات الموت يوصي صحبه الكرام بالصلاة قائلاً : ( الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ) .

ولو وَضع العبد أمامه قول الرب تبارك وتعالى دائماً : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } لكان كافياً له في الحفاظ على هذه الصلاة ، لا لأن الله تبارك وتعالى يحتاج إلى هذه الصلاة بل لأن العبد هو الفقير المحتاج إلى هذه الصلاة التي تصله بخالقه جل وعلا .

ألا فلنُضئ طريقنا دائماً وأبداً بهذا النور الذي لا يُنار الطريق إلا به ، ولنجعله نبراس حياتنا ، والبذرة التي نغرسها في أنفس أبنائنا وبناتنا حتى تنبت نباتاً حسناً ، وبذلك نضمن لأبنائنا وبناتنا الحياة الطيبة السعيدة السويَّة التي تستقيم بها حياتهم ، وترتاح لها نفوسهم ، وتصلح بها مجتمعاتهم ، وترتقي بها بلادهم { اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } .

الاثنين، 26 يوليو 2010

غرف تبديل الأخلاق بقلم : أحمد عادل العازمي

لا تعجبوا من هذه الكلمة ، وهذه العبارة ، فكما أنه يوجد غرف لتبديل الملابس، فهناك غرف لتبديل الأخلاق ، والواقع يشهد بذلك .

وحينما أقول تبديل الأخلاق أقصد هنا تبديلها إلى الأسوء ، وهذا ما تسعى إليه ، وتهدف إليه تلك الأفلام والمسلسلات سواء كانت الخليجية أو العربية أو المدبلجة أو المترجمة ، فكلها تصب في مصب واحد هو تبديل الأخلاق الحسنة في المجتمعات إلى الأخلاق السيئة .

أنا لا أقول ذلك من فراغ ، ولكن انظروا إلى ما خلَّفته تلك الأفلام والمسلسلات في عقول شبابنا، فهذا حُبب إليه العلاقات المحرمة ، وبناء العلاقات الرومانسية ، وإسقاط الفتيات في أحضانه ، وذاك اقتنع بعقيدة النصارى في أن المسيح ابن الله أو التثليث ، وتلك قد تبنت فكرة تحرير المرأة من حجابها الذي هو عنوان طُهرها وعفافها ، وهذه قد اتخذت من تلك الفنانة أو المغنية أو الراقصة مَثَلاً أعلى لها تسعى لأن تكون مثلها ، وأخرى قد وضعت في فكرها وعقلها أنها حينما تتشبه بالرجال تكون قد بلغت غاية الكمال والتمام في شخصيتها متخذةً من تلك الشخصية المتمثلة لها في الفيلم أو المسلسل قدوةً لها .

ناهيك عما يُسوَّق له في تلك الأفلام والمسلسلات من أفكار وعادات وتقاليد الأقوام الأخرى التي لا تناسب مجتمعاتنا ولا عاداتنا ولا تقاليدنا ، بل ولا إسلامنا ، وذلك حين ترى بأن البنت في تلك التمثيلية تكون هي المظلومة والمضطهدة حينما يمنعها أبوها من إقامة علاقة محرمة مع رجل أجنبي عنها ، وإدخاله في البيت، أو محادثته في الهاتف ، أو أنها تدخل وتخرج من البيت بل وتسافر في أي وقتٍ شاءت بلا حسيب ولا رقيب !

أما بالنسبة عن انتقاص الدين ، واتهامه بالجهل والتخلف ، والرجعية ، وازدراء أهل العلم، وتصويرهم بأبشع الصور ، فلا تسل عن ذلك ، فقد بلغت في هذه التمثيليات مبلغاً ، والكل يعلم بأن الهدف من ذلك باختصار هو أن يترك الناس دينهم ، ولكنهم لا يستطيعون أن يقولوا ذلك للناس مباشرة ، فيلجؤون إلى مثل تلك الأمور التي تُنبِؤُ عن ضحالةٍ في الفكر ، وانهزاميةٍ واضحةٍ في باب المواجهة المباشرة ؛ وذلك أنه لا يلجأ إلى هذه الحيل إلا الضعيف الذي هُزم في باب المواجهة ، وانكسر أمام سيف الحجة والبرهان .

ولذلك نحن نُهيب بإخواننا جميعهم أن ينتبهوا إلى مثل تلك الألاعيب الشيطانية ، المستوحاة من وحي الشيطان وأوليائه ، والتي لا تنطلي إلا على من لم يُعمل عقله وفكره فيما يُعرض عليه من هذه الأفلام والمسلسلات ، ويُملى عليه من أفكار ومُعتقدات ، ويُراد منه بعد ذلك الاقتناع بها ، والعمل بها ، والدعوة إليها ، ولكن هيهات هيهات أن يتركهم أهل الحق وأهل الدين والصلاح يفعلون ذلك .

الخميس، 24 يونيو 2010

متى نسمع القرار ؟ بقلم : أحمد عادل العازمي

لقد خرجت في أحد الأيام بالسيارة لصلاة الفجر – وقد كنت آنذاك إماماً لأحد المساجد وكان المسجد بعيداً عن منزلنا بقليل – فسِرتُ على بركة الله بعد دعاء الركوب ، وإذا بشخصٍ ثملٍ سكران سُكرَ من ألقى بعقلهِ على عارضة الطريق وسار بلا عقل !

والأعجب من ذلك أنَّنا كُنَّا في ثاني ليلة من ليالي عيد الفطر المُبارك ! وكأنَّ شهر الصيام ، شهر التوبة والغفران ، شهر الهدى والتقوى والرضوان قد رحل ورحلت معه العبادة !

أفلم يأنِ لهؤلاء الإخوة الأعزاء أن يرجعوا ويعودوا ويُنيبوا إلى فاطر الأرض والسماء ؟ ألم يحِنِ الوقت لئن نُحقق قول الرب جلَّ وعلا : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } ؟ ألم نجلس مع أنفسنا ساعةً من الزمان نتفكَّر جميعاً في سالف الأيام ، وما فيها من المعاصي والآثام ، فنعود بعد ذلك إلى سُنةِ خير الأنام ؟ أفلم نُمعنِ النظر والتدبُّرَ في قول الله سبحانه وتعالى : { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ } .

يُكرم الله تبارك وتعالى علينا بالنعم فيأبى البعض إلا أن يُزيل تلك النعم ، فبالله عليكم كيف يستسيغ إنسانٌ لنفسه بأن يُغطي عقله – وأحياناً يرميه في سلة المهملات معظم الأوقات – بهذه المسكرات التي لا تأتي للإنسان إلا بما يُزيل قدرَهُ ومروءته بين سائر المجتمعات ؛ وما ذاك إلا أنها أم الخبائث والمنكرات ، ويكفي قُبحاً لها أن يستنكرها الصغير قبل الكبير .

نقول لكل من أدمن على شُرب هذه الخمور ، وأقام لذلك القصور ، وجلسَ لمُشاهدة الرقص ، وسماع الزمور : احذر من هذه الأمور ؛ فإنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَلَعَنَ شَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ وَآكِلَ ثَمَنِهَا ) ، وقد حذَّرَ الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين من هذه المسكرات بقوله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ } طيب ماذا نفعل يا رب ؟ ما المطلوب منا ؟ { فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } ثم يزيد الربُّ تعالى الأمر وضوحاً في بيان سبب منعهم من ذلك بقوله : { إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ } ثم قال سبحانه مُنبِّهاً ومُحذِّراً عباده { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ } .

فها هي شريعتنا الإسلامية الغرَّاء تُحذِّرنا من هذه المُسكرات ؛ كل ذلك للحفاظ على ضرورةٍ من ضرورات الدين العظيمة وهي العقل ، وللحفاظ على الأسر التي هي نواة المجتمع وأُسُّه وأساسُهُ المتين من الانحلال ، فكم والله من بيوتٍ تهدَّمت ، وكم من أُسرةٍ تفككت ، وكم من أبناءٍ وبناتٍ تشتتوا وضاعوا ، وسلكوا سبيل الانحراف بسبب هذه المُسكرات ؟

فيا ليت قومي يعلمون ما بها من الخطورة فيُحرِّموها كما حرَّمها الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم ، وكما حرَّمها نبينا الهادي الأمين .

ولكن يبقى حُلم وهاجس كل أم ، كل ابن ، كل بنت ، كل أخ ، كل أخت : متى نسمع قراراً متفق عليه بين الدول الإسلامية على منع هذه الخمور في البلاد الإسلامية حتى نعيش بأمنٍ وأمان ونسعد بالتربية الصالحة ؟!

الأحد، 20 يونيو 2010

خاطرة على الطريق بقلم : أحمد عادل العازمي


( كل بني آدم خطَّاء وخير الخطائين التوابون ) هذا ما قاله النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، فكل إنسانٍ معرضٌ للخطأ والزلل ، ولكن عليه أن يعود إلى صراط الله المستقيم وأن لا يغترَّ بكثرة الهالكين .

فالإنسان مهما أسرف على نفسه من المعاصي ، ومهما ارتكب من المنكرات ، واجترأ على ربِّ الأرض والسماوات ، فإنَّ الله يناديه بأفضل الألفاظ ، وأعذب الكلمات ، وأقرب العبارات { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } ، ويقول سبحانه : { وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } .

فعلى المسلم مهما فعل واجترح من السيِّئات أن لا ييأس من رحمة فاطر الأرض والسماوات ، فإنَّه سبحانه يبسط يده بالليل ليتوب مسيءُ النَّهار ويبسط يده بالنَّهار ليتوب مسيءُ الليل ، وينادي سبحانه عباده كل يوم في الثلث الآخر من الليل هل من سائلٍ فأُعطيه ؟ هل من مستغفرٍ فأغفر له ؟ هل من تائبٍ فأتوب عليه ؟ هل من داعٍ فأجيبه ؟

فانظروا يا رعاكم الله إلى سعة رحمة الله عزَّ وجل ، نعصيه بالليل والنهار ، وبالسرِّ والإجهار ، ثم ينادينا بأحسن الألفاظ ، وأعذب الكلمات ، ولا عجب من ذلك فهو جلَّ وعلا أرحم بعباده من الأم بولدها .

فهلاَّ سارعنا بالتوبة والرجوع والإنابة إلى الله تبارك وتعالى من قبل أن يأتي أحدنا الموت { فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ } .

من قبل أن نتحسَّر على ما فرَّطنا في جنبِ الله تعالى ، فنقول حينئذٍ ربِّ لولا أخَّرتنا إلى أجلٍ فنتدارك ما فرَّطنا فيه ، فنصَّدَق ، ونفعل الخيرات ، ونكن من الصالحين بأدائنا للمأمورات ، واجتنابنا للمنهيات ، فنُجاب بأن هذا الأمر قد فات أوانه {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} المحتوم لها { وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } من خيرٍ وشر، فيجازيكم على ما علمه منكم من النيات والأعمال .

السبت، 19 يونيو 2010

الستر بقلم : أحمد عادل العازمي


إنَّ من نعم الله تبارك وتعالى على عباده المُذنبين سترهُ عليهم ، بل ومغفرته لهم إن أتبعوا تلكمُ المعصية توبةً صادقةً ، تخشع لها قلوبهم ، وتدمعُ منها عيونهم .

فليس العيب بأن يُخطئ العبد ولكنَّ العيب أن يُصرَّ على المعصية ، ولذلك كان من صفات عباد الله المؤمنين أنهم إذا فعلوا معصيةً تذكَّروا فاستغفروا الله تبارك وتعالى ، قال تعالى : { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } .

ومن عظيم إحسان الله تعالى على عباده أنه يستر عليهم ويُمهلهم حتى يرجعوا إليه ويُنيبوا إليه ، فهو سبحانه الستير ومن أسمائه الستار جلَّ وعلا .

وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( كل أمتي معافى إلا المجاهرون ، وإن من الإجهار أن يعمل العبدُ بالليل عملاً ثم يُصبح قد ستره ربه ، فيقول : يا فلان قد عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربه ، فيبيت يستره ربه ، ويصبح يكشف ستر الله عنه ) .

ولهذا على المسلم إن قصَّر في شيءٍ من الواجبات أو ارتكب شيئاً من المحرمات أن يستر على نفسه ، وأن لا يجهر بتلك المعصية ، وأن يسارع بالتوبة إلى الله تبارك وتعالى .

وعلى المسلم أن يستر أخاه المسلم ، وأن ينصحه بالغيب ، فإنَّ ذلك أرجى لئن يقبل منه ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة ) .

ويقول : ( من ستر عورة أخيه ستر الله عورته يوم القيامة ، ومن كشف عورة أخيه ، كشف الله عورته ، حتى يفضحه في بيته ) .

فعلى المسلم أحبتنا الكرام إن رأى أخيه على معصية أن يستره ، وأن لا يفضح أمره ، وبهذا نعلم بأن ما يقوم به البعض من تصوير بعض الجرائم أو المنكرات وبثها في القنوات الفضائية ، أو الشبكة العنكبوتية ( الإنترنت ) ، أو نشرها في الجرائد والمجلات ، كلُّ ذلك من الخطأ البين الواضح ، ومن هتك أستار الناس ، ويُخشى على فاعله من إحلال عقوبة الله تعالى عليه في الدنيا والآخرة ؛ وذلك أنه بإشاعة مثل تلك الأمور تعويدٌ للناس على مشاهدة هذه المنكرات أمام أعينهم ، وبذلك يضعفُ إنكارهم لهذه المنكرات مُستقبلاً .

نسأل الله تبارك وتعالى أن يسترنا في الآخرة كما سترنا في الدنيا ، وأن يغفر ما كان منا ، وأن يقبل توبتنا .