لم يعد يخفى على أحد أن أي صحيفةٍ لا شهرة لها في الوسط
الصحافي ما عليها حتى تشتهر إلا أن تطعن بالإسلام ونبيه صلى الله عليه وآله وسلم
وأتباعه المهتدين بهديه والمستنين بسنته !
وهذا هو ما فعلته الصحيفة سيئة الذكر شارلي إيبدو الفرنسية
، حيث اعتمدت لنيل الشهرة ورفع نسبة مبيعاتها على الطعن بالإسلام ونبيه صلى الله
عليه وآله وسلم وأتباعه دون أدنى مراعاةٍ للآثار السلبية المترتبة على هذا التصرف
السيئ ، ودون أي اعتبار لأسس العمل الصحافي من الأمانة والصدق والموضوعية في
المادة الصحافية المنشورة ، الأمر الذي يُعتبر " إفلاساً صحافياً " وإن
شئت فقل عنه بأنه " انحطاطٌ إعلامي " .
لقد أججت صحيفة شارلي إيبدو مشاعر أكثر من مليار ونصف
مسلم ، وأثارت حفيظتهم ، وذلك أنه لا يوجد مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن
محمداً رسول الله يرضى بأن يُسب نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ويُستهزأ به ؛ وذلك
أن من مقتضيات الشهادة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة محبته ونصرته
وتأييده ، ومن هنا فإنه لا يوجد مسلمٌ على وجه الأرض إلا ويحب النبي صلى الله عليه
وآله وسلم ، ويرى أن محبته عليه الصلاة والسلام دليلٌ على إيمانه ، فعن أنس بن
مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ( لا يؤمن أحدكم حتى
أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( ثلاثٌ
مَن كُنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما ، وأن يُحِبَّ المرءَ لا يُحِبُّه إلا لله ، وأن يكره أن يعود
في الكفر كما يكره أن يُقذف في النار ) .
إن حرية الرأي والتعبير لا تكون أبداً في الطعن بدينٍ
ارتضاه رب العزة والجلال للناس وأتم به نعمه عليهم { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ
دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ
دِينًا } ، ولا تكون قطعاً بالطعن بنبيٍ
جعله الله تبارك وتعالى خاتم النبين والمرسلين ، وأرسله للناس كافة بشيراً ونذيراً
، وإن أقل ما يمكن أن يوصف به فعل تلك الصحيفة النكراء بأنه حماقةٌ وجهل ، حماقةٌ
لعدم إدراكها خطورة ما أقدمت عليه ، وجهلٌ لعدم علمها بقدر من تطاولت عليه صلوات
ربي وسلامه عليه .
لقد أصابت صحيفة شارلي إيبدو التعايش السلمي في فرنسا
بمقتل ، وأحدثت شرخاً كبيراً في علاقة المسلمين بغيرهم في المجتمع الفرنسي ، وبثت
روح الكراهية ، وأشاعت العداوة والبغضاء بعنصريتها وإصرارها على الإساءة للمسلمين والتعرض
للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالسخرية والاستهزاء .
اليوم هو يوم إثبات الإيمان بنصرة خير الأنام عليه أزكى
صلاةٍ وأتمُّ سلام ، فمن لم ينصر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم اليوم فليراجع
إيمانه ؛ وذلك أن من مقتضيات شهادة أن محمداً رسول الله تعظيمه وتوقيره ونصرته
وتأييده والدفاع عنه في حياته وبعد مماته صلوات ربي وسلامه عليه ، قال الله جل
وعلا : { فَالَّذِينَ
آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ
مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } .
إن نصرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم شرف ورفعة لكل
منتصر له عليه الصلاة والسلام ومُدافعٍ عنه، ولكن ينبغي أن نلاحظ هنا مسألة مهمة
، وهي أن نصرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجب أن تكون بالوسائل المشروعة ، وأن
يُراعى فيها المرحلة التي تعيش فيها الأمة ، والمصالح والمفاسد المترتبة على ذلك ؛
وذلك حتى لا نوقع الأمة فيما لا تُحمد عُقباه .
كلٌ منا اليوم مطالب بنصرة النبي صلى الله عليه وآله
وسلم والدفاع عنه ، كلٌ حسب قدرته واستطاعته ؛ إذ { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا } ، ، فالقادة مسؤولون ومطالبون
بالقيام بواجبهم تجاه تلك الإساءات المتكررة للإسلام والنبي الكريم صلى الله عليه
وآله وسلم ، والمنظمات الإسلامية أهليةً كانت أو حكومية مطالبة كذلك باتخاذ موقف
وووضع برامج عملية من شأنها التعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم وبيان فضله على
البشرية جمعاء ، والأفراد كذلك مطالبون بالدفاع عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم
وبيان سيرته ونشر سنته بشتى الوسائل المتاحة والممكنة .
أخيراً أقول : إن مرحلة الضعف التي تعيشها الأمة هي التي
جرأت أمثال تلك الصحف اللقيطة على الإساءات المتكررة للإسلام ، والتطاول على نبينا
محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، والاستهزاء المستمر لأتباعه ، ولذلك يجب علينا
اليوم أن نكون على قدرٍ من المسؤولية ، ونسعى جميعاً لنهضة هذه الأمة ورفعتها ،
واستعادة قوتها وعزها ومجدها ، ولا يكون ذلك إلا عندما نتخذ من الإسلام عقيدةً
وشريعةً ومنهجاً في حياتنا كلها { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ } .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق