الجمعة، 5 نوفمبر 2021

الأطفال في الأسرة بقلم : د.أحمد العازمي

 

تعتبر الأسرة المؤسسة التربوية الأولى التي نشأت مع بداية خلق الإنسان بل وفي أحسن الأماكن وأطهرها وهي الجنة ، حيث خلق الله تبارك وتعالى آدم وحواء وكان الارتباط الوثيق ما بينهما ؛ ليكمل كلٌ منهما الآخر في هذه الحياة الدنيا وتبدأ حياة البشرية بذلك { وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ } ، وهو ما يدلنا على أهمية الأسرة في ديننا الإسلامي ، وضرورة الاعتناء بها، وتوفير البيئة المناسبة لها ؛ فالأسرة هي النواة الأولى للمجتمع ، والخلية واللَّبِنة الأساسية في تكوين البناء الاجتماعي ، وهي مصنع الأجيال ، والرجال العظماء ، والنساء الصالحات ، ففيها يتم وضع البذور الأولى في التنشئة والتربية ، وهي التي تقوم بتشكيل الملامح الأساسية لشخصية الإنسان ، وإكسابه القيم والمفاهيم والاتجاهات ، ونمط علاقته مع الآخرين ، وهي التي تقوم بتكوين اتجاهاته وميوله وفكره وثقافته وسلوكه في المجتمع ، ومن هنا قال النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه : ( كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ).

إعداد الطفل جسمياً وعقلياً ونفسياً وروحياً ووجدانياً واجتماعياً حتى يكون عضواً صالحاً ونافعاً لنفسه ومجتمعه وأمته هي المهمة الأساسية والأولى للأسرة ، وعمارة هذه الحياة الدنيا التي نعيش فيها لا يمكن أن تكون إلا بأفرادٍ صالحين يشعرون بالمسؤولية ، ويكونون قادرين على تحمل تبعاتها ، والنهوض بأوطانهم نحو التقدم والرقي والازدهار ، وهؤلاء الأفراد من الصعب أن ينشؤوا في ظل أسرٍ مضطربة ومتفككة ، ومن هنا ترى أن إبليس يحرص هو وأتباعه وأولياؤه من شياطين الإنس والجن على إفساد الأسرة وتفككها بشتى الطرق والوسائل ، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه ، فأدناهم منه منزلةً أعظمهم فتنة ، يجيء أحدهم فيقول : فعلت كذا وكذا ، فيقول : ما صنعتَ شيئاً ، ثم يجيء أحدهم فيقول : ما تركته حتى فرَّقتُ بينه وبين امرأته ، قال : فيدنيه منه ويقول : نِعْمَ أنتَ ) يُثني عليه ويقربه منه إعجاباً بفعله وصنيعه .

إن المسؤولية التي تقع على عاتقنا اليوم في تربية أطفالنا مسؤولية كبيرة ، ولم يعد أمرها بالشيء الهين ، لا سيما مع الثورة الإعلامية الهائلة ووسائل التقنية والأجهزة الذكية التي باتت اليوم بيد كثير من الأطفال دون حسيب ولا رقيب ، حيث تساهم هذه الوسائل كلها - شئنا أم أبينا - في تنشئة الطفل وصياغة شخصيته وميوله واتجاهاته ونظرته للآخرين من حوله وكيفية تعامله معهم ، كل ذلك يجعل المسؤولية على الوالدين في الأسرة كبيرة ، فهل نكون فعلاً على قدر هذه المسؤولية أم نكون سبباً في ضياع أبنائنا ونشأتهم بشكلٍ غير سوي ؟!

ليست هناك تعليقات: