إنَّ من نعم الله تبارك وتعالى على عباده المُذنبين سترهُ عليهم ، بل ومغفرته لهم إن أتبعوا تلكمُ المعصية توبةً صادقةً ، تخشع لها قلوبهم ، وتدمعُ منها عيونهم .
فليس العيب بأن يُخطئ العبد ولكنَّ العيب أن يُصرَّ على المعصية ، ولذلك كان من صفات عباد الله المؤمنين أنهم إذا فعلوا معصيةً تذكَّروا فاستغفروا الله تبارك وتعالى ، قال تعالى : { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } .
ومن عظيم إحسان الله تعالى على عباده أنه يستر عليهم ويُمهلهم حتى يرجعوا إليه ويُنيبوا إليه ، فهو سبحانه الستير ومن أسمائه الستار جلَّ وعلا .
وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( كل أمتي معافى إلا المجاهرون ، وإن من الإجهار أن يعمل العبدُ بالليل عملاً ثم يُصبح قد ستره ربه ، فيقول : يا فلان قد عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربه ، فيبيت يستره ربه ، ويصبح يكشف ستر الله عنه ) .
ولهذا على المسلم إن قصَّر في شيءٍ من الواجبات أو ارتكب شيئاً من المحرمات أن يستر على نفسه ، وأن لا يجهر بتلك المعصية ، وأن يسارع بالتوبة إلى الله تبارك وتعالى .
وعلى المسلم أن يستر أخاه المسلم ، وأن ينصحه بالغيب ، فإنَّ ذلك أرجى لئن يقبل منه ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة ) .
ويقول : ( من ستر عورة أخيه ستر الله عورته يوم القيامة ، ومن كشف عورة أخيه ، كشف الله عورته ، حتى يفضحه في بيته ) .
فعلى المسلم أحبتنا الكرام إن رأى أخيه على معصية أن يستره ، وأن لا يفضح أمره ، وبهذا نعلم بأن ما يقوم به البعض من تصوير بعض الجرائم أو المنكرات وبثها في القنوات الفضائية ، أو الشبكة العنكبوتية ( الإنترنت ) ، أو نشرها في الجرائد والمجلات ، كلُّ ذلك من الخطأ البين الواضح ، ومن هتك أستار الناس ، ويُخشى على فاعله من إحلال عقوبة الله تعالى عليه في الدنيا والآخرة ؛ وذلك أنه بإشاعة مثل تلك الأمور تعويدٌ للناس على مشاهدة هذه المنكرات أمام أعينهم ، وبذلك يضعفُ إنكارهم لهذه المنكرات مُستقبلاً .
نسأل الله تبارك وتعالى أن يسترنا في الآخرة كما سترنا في الدنيا ، وأن يغفر ما كان منا ، وأن يقبل توبتنا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق