( الصلاة نور ) ما أعظم هذا البيان من النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه لمكانة الصلاة في الإسلام ، فضلاً عن أنها عمود الإسلام وركنه الأعظم بعد الشهادتين .
فالصلاة صلةٌ بين العبد وربه ومتى ما تركها قطع هذه الصلة بينه وبين خالقه جل وعلا ، ولا تسل عن حال ذلك الإنسان بعدما قطع هذه العلاقة العظيمة بينه وبين خالقه - أعظم علاقة موجودة في هذا الوجود - .
فبالله عليكم إلى من يلتجي من قطع هذه العلاقة ؟ من يسأل ؟ من يدعو ؟ من يرتجي ؟ وإلى من يلتجئ ؟ من يكشف ضره وينفس كربه ويفرج همه ؟ من ييسر أموره ؟ ومن يعينه على أدائها ؟
إذا أراد العبد أن يسأل الله تعالى الرزق ألا يرفع يديه إلى السماء داعياً الله تعالى ؟ إذا نزلت به بلوى ، أو حلت به نازلة ، أو أصابه همٌّ وغمٌ وحزنٌ ألا يشعر براحةٍ ما بعدها راحة حينما يخرُّ ساجداً لله جل وعلا .
ووالله لو علم قاطع الصلاة بتلكم الراحة التي يشعر بها من يسجد لله جل وعلا مستشعراً بأنه يسجد لله ، وأنه بذلك يتقرب إلى الله وأنه خاضعٌ ذليلٌ محتاجٌ إلى ربه في تيسير أموره وقضاء حاجاته لما ترك هذه الصلاة وهذا السجود لله جل وعلا .
ومن العجيب أنك حينما تسأل من كان قاطعاً لهذه الصلة أتحب الله ؟ لما أجابك إلا بكلمة نعم ، فنقول له عندئذ أليس من يُحِب يصل محبوبه ؟ فسيقول : نعم ، وعندها نسأله ما دُمت تُحبُّ الله تعالى فلم لا تصِله بصلاتك له جل وعلا ؟
ويكفي تحفيزاً لنا على الصلاة والحرص عليها أنه أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : فأكثروا الدعاء .
فالصلاة نورٌ تضيءُ للعبد طريقه ، وتيسر له أمره ، وهي سبيل عباد الله المؤمنين ، ودأبُ الصالحين ، بها ينال العبد رضا الله عز وجل ، ومحبته ، ومغفرته ، وعفوه ، وهي أول ما يُحاسب عليه الإنسان يوم القيامة ، فإن كان مُقيماً لها كان ما بعدها من الحساب هيناً سهلاً ، وإلا كان ما بعدها من الحساب أشد وأنكى – نسأل الله السلامة والعافية - .
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يُذكر أصحابه الكرام بضرورة المحافظة على الصلاة، حتى أنه عليه الصلاة والسلام كان في أشد اللحظات في سكرات الموت يوصي صحبه الكرام بالصلاة قائلاً : ( الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ) .
ولو وَضع العبد أمامه قول الرب تبارك وتعالى دائماً : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } لكان كافياً له في الحفاظ على هذه الصلاة ، لا لأن الله تبارك وتعالى يحتاج إلى هذه الصلاة بل لأن العبد هو الفقير المحتاج إلى هذه الصلاة التي تصله بخالقه جل وعلا .
ألا فلنُضئ طريقنا دائماً وأبداً بهذا النور الذي لا يُنار الطريق إلا به ، ولنجعله نبراس حياتنا ، والبذرة التي نغرسها في أنفس أبنائنا وبناتنا حتى تنبت نباتاً حسناً ، وبذلك نضمن لأبنائنا وبناتنا الحياة الطيبة السعيدة السويَّة التي تستقيم بها حياتهم ، وترتاح لها نفوسهم ، وتصلح بها مجتمعاتهم ، وترتقي بها بلادهم { اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق