لقد تكفَّل الله عز وجل لهذه الأمة بحفظ هذا الدين حيث قال سبحانه : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } ، وقد هيَّأ جلَّ وعلا لذلك أناساً اختارهم ليكونوا نقلة هذا الدين العظيم إلى الناس أجمعين ، وهؤلاء الناس هم العلماء ، أولئك القوم الذين فرَّغوا أوقاتهم زمن الصبا لتعلم هذا الدين ، تركوا اللعب يوم أن كان من في سنِّهم يلعبون ويمرحون في الطرقات ، سهروا الليالي في وقتٍ الناس فيه نيام.
وليس ذلك بعجيب ولا غريب عمَّن كانت همته عالية في السماء ، تعانقُ السحاب، ولا ترضى بأن تمسَّ التراب .
ومن أجل ذلك كله جعل الله تبارك وتعالى لهم الفضل العظيم والأجر الجزيل ، وذلك أنهم حملة علوم التنزيل ، والمبلغين عن رب العالمين بعد الأنبياء والمرسلين .
وقد أعلى الله جلَّ في علاه شأن هذه الثلة المباركة في الدنيا والآخرة قال تعالى: { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من يرد الله به خيراً يفقه في الدين ) وغير ذلك من النصوص الواردة في فضلهم ، وعلوِّ شأنهم ، وعظيم قدرهم .
وفي هذا يقول الشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله – في كتاب العلم ص 174: ( مكانة أهل العلم أعظم مكانة ؛ لأنهم ورثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، ولهذا يجب عليهم من بيان العلم والدعوة إلى الله ما لا يجب على غيرهم ، وهم في الأرض كالنجوم في السماء يهدون الخلق الضالين التائهين ، ويبينون لهم الحق ويحذرونهم من الشر ، ولذلك كانوا في الأرض كالغيث يصيب الأرض القاحلة فتنبت بإذن الله ).
وإنه مما يُحزن القلب أن نرى في زماننا اليوم الجهل بمكانة العلماء ، وقلة التأدُّبِ معهم ، وعدم معرفةٍ لحقوقهم ، بل أصبح بعضهم- وللأسف – ممن يدعون العلم يطعنون بهم ، وينتقصونهم ، ويبحثون عن مثالبهم وزلاتهم المغفورة في بحر حسناتهم .
ولا شكَّ بأنَّ ذلك ليس من الإسلام في شيء ، وإن دلَّ ذلك على شيء فإنما يدلُّ على جهل هؤلاء القوم بحقوق هؤلاء العلماء الأجلاء ، فنقول لهم كفُّوا أيديكم ، واحفظوا ألسنتكم ذلك أزكى لكم ، وأطهر لقلوبكم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق